للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن، إِمام في الفقر، إِمام في الزهد، إِمام في الورع، إِمام في السنة " انتهى.

وقد شرحها مع ضِعْفِها ابن أَبي يعلى في " الطبقات ".

فالإمام أَحمد- رحمه الله تعالى- مُحَدّث يمحص الروايات صحيحها من سقيمها، وراجحها من مرجوحها، وناسخها من منسوخها وعامها من خاصها، ومطلقها من مقيدها ... وهذه منقبة له بالاتفاق والإجماع من الموافق والمخالف.

والإمام أَحمد- رحمه الله تعالى- فقيه يمحص معاني النصوص وأَلفاظ الرواة.

وهو لغوي بارع، يعرف منازل الكلام، وموارده، ومصادره، ونحو العربية، وبلاغتها، ويكفينا في هذا إِضافة إلى أَنه عربي من ذُرَى شيبان، شهادة سَيِّدِ من نطق بالضاد في زمانه، شيخه، وتلميذه الإمام الشافعي بأَن أَحمد: " إِمام في اللغة ". وقد قال أَحمد:

" كتبت من العربية أكثر مما كتب أَبو عمرو بن العلاء ".

وكان- رحمه الله تعالى- لا يلحن في الكلام، ويؤدِّب أَولاده على اللحن، وقد ضرب ابنته زينب، وانتهرها على اللحن.

وهكذا جمع الله له بين الفقهين: فقه الإسناد، وفقه المتون والألفاظ بحقائقها اللغوية والشرعية.

ولا غرابة كان فقهه: " فقه دليل "، وإلاَّ فكيف يفقه النص من لا يعرف منزلة سنده؟.