لا رواية فيه عن أحمد، ولا يُخَرَّجُ على شيء من مذهبه، وهو ترك للسنة الصحيحة في النهي عن البناء على القبور وتشريفها ولابن القيم- رحمه الله تعالى- في:" إِعلام الموقعين " بحث نفيس مطول في إبطال شروط الواقفين غير الشرعية، وأَنها تصرف في الأَقرب لمقصد الواقف من المصارف الشرعية.
ومن أمثلته: تلك المسألة التي عُدَّت من مفردات الحنابلة، وطالت فيها مطارحات العلماء، وبلغت المؤلفات فيها مبلغاً، كما تراها في:" كتب الصيام " من: " المدخل الثامن " هي مسألة: " وجوب صيام يوم الشك " فليس الوجوب رواية عن أحمد، ولا هو قياس مذهبه وإنما هو من فقه بعض متقدمي الأَصحاب، ومع كثرة القائلين به منهم، وشهرتهم، وتطاول الزمن، عُدَّ مذهباً لأَحمد، وصوابه: أنه من فقه بعض الأَصحاب، كما نبَه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- وغيره.
ولهذا فعليك أيها الفقيه: التثبت والتورع عند نِسْبةِ الأقوال في المذاهب المتبوعة، فتأمل متى تقول في مَسْألة ما: هي مذهب أحمد، أو الرواية عن أحمد، أو رواية في مذهبه، أو تخريج عليه، أو من تخريج فلان وفلان على مذهبه، أو قياس المذهب، أو مذهب الحنابلة، وهكذا من الأَلفاظ المصطلح عليها، مراداً بها ما تعنيه من عزو وتخريج. والله أعلم.