ما يتسرب إلى صدع هذه الوحدة، أو شق هذه الجماعة والله العليم الحكيم، قد دعى الأمة إلى هذه الوحدة، وفي سابق علمه سبحانه أَن الخلاف في المسائل النظرية، والعملية، وتباين وجهات النظر، واختلاف المدارك والفهوم، لابد أَن يكون، وهذا أَمر طبعي لمن منحهم الله العقل والتمييز؛ لهذا ومحافظة على عدم شق هذه الوحدة دعاهم إلى الشورى، وهذا من أَدلّ الدلائل، وأَعظم الوسائل المفيدة إلى أَنه ليس كل خلاف مذموماً، بل مع سلامة المقاصد " خلاف محمود " لتتسعَ المدارك والفهوم.
من هنا كان الخلاف جارياً بين الأَئمة الأربعة أَنفسهم كما جرى بين من قبلهم، ومن بعدهم إلى أَن يشاء الله. وهذا الخلاف يفتح سيولة فكرية، وثراءً علميًّا، في فحص النصوص واستقراء دلالتها المتنوعة، وهذا ما حصل في أي خلاف فقهي، ومنه:" الخلاف الفقهي بين الأَئمة الأربعة " فالموفق المسدد هو الذي يتخذ من هذا الخلاف في قلبه وعقله " مجلس شورى " يعقده للمناظرة بين آرائهم، ويحكمهم إلى الكتاب والسنة، فينظر أَهداها، وأَقربها، وأَطوعها للنص، ويأخذ به.
إذا انتهينا إلى الترجيح، فلا تشنيع، ولا تأثيم، على صاحب القول المرجوح، بل نُنزل خلافه على واحد من أَسباب الاعتذار المعلومة، والتي نرى جملتها في:" رفع الملام عن الأَئمة الأعلام " وليكن في عقدة كل عالم: أن القول الذي اختاره ورجحه، يحتمل الخطأ، وأن يكون مقابله هو الصواب؛ لهذا كم رأينا من إمام