بالصرع لا يكون على هذه القوة، وقد شهد للنبي رجل غريب عن الإسلام ولكنه منصف قال الكاتب الأجنبي (بودلي) في كتابه (الرسول حياة محمد) مفنّدا هذا الزعم: (لا يصاب بالصرع من كان في مثل الصحة التي كان يتمتع بها محمد صلى الله عليه وسلم حتى قبل وفاته بأسبوع واحد، وإن كان ممن تنتابه حالات الصرع كان يعتبر مجنونا، ولو كان هناك من يوصف بالعقل ورجاحته، فهو محمد).
٢ - إن مريض الصرع يصاب بآلام حادة في كافة أعضاء جسمه يحس بها إذا ما انتهت نوبة الصرع، ويظل حزينا كاسف البال بسببها، وكثيرا ما يحاول مرضى الصرع الانتحار من قسوة ما يعانون من آلام في النوبات فلو كان ما يعتري النبي صلى الله عليه وسلم عند الوحي صرعا لأسف لذلك وحزن لوقوعه ولسعد بانقطاع هذه الحالة عنه، ولكن الأمر كان على خلاف ذلك.
لقد فتر الوحي عن الرسول مدة فحزن لذلك حزنا شديدا، وكان يذهب إلى غار حراء وقمم الجبال عسى أن يعثر على الملك الذي جاءه بحراء وبقي محزون النفس من هذه الحالة حتى سري عنه ربه بوصل ما انفصم من الوحي.
٣ - إن الوحي لم يكن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال التي قالوا عنها إنها صرع إلا أحيانا وأحيانا كان يأتيه وهو في حالته الطبيعية فلا غيبوبة ولا قلق ولا غطيط، وذلك حينما كان يأتيه جبريل في صورة رجل، وكان الجالسون لا يعرفون أنه جبريل، ولكن النبي كان يعلم ذلك حق العلم وذلك كما حدث في الحديث الطويل الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما والذي يعتبر سجلا جامعا لأصول الإيمان والإسلام والإحسان.
ويدل على حالتي الوحي هاتين الحديث الذي رواه البخاري عن السيدة عائشة- رضي الله عنها-: أن الحارث بن هشام- رضي الله عنه- سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت منه ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول»، قالت