عائشة- رضي الله عنها- ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا (١).
٤ - إن الثابت علميّا أن المصروع حالة الصرع يتعطل تفكيره وإدراكه تعطلا تامّا، فلا يدري المريض في نوبته شيئا عما يدور حوله، ولا ما يجيش في نفسه كما أنه يغيب عن صوابه، وتعتريه تشنجات تتوقف فيها حركة الشعور ويصبح المريض بلا إحساس.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان بعد الوحي يتلو على الناس آيات بينات، وتشريعات محكمات، وعظات بليغات، وأخلاقا عظيمة، وكلاما بلغ الغاية في الفصاحة والبلاغة تحدى به الناس قاطبة- عربهم وعجمهم- أن يأتوا بأقصر سورة منه فما استطاعوا فهل يعقل من المصروع أن يأتي بشيء من هذا اللهم إن هذا أمر لا يجوز إلا في عقول المجانين إن كانت لهم عقول.
٥ - لما تقدمت وسائل الطب، واستخدمت الأجهزة والكهرباء في التشخيص والعلاج، إذا الطب يضيف دليلا لا ينقض، ويقيم حجة لا تحتاج إلى مناقشة على كذب فرية الصرع، ويؤكد أن ما كان يعتري رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو وحي من الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن يكون شيئا آخر.
لقد ثبت أن نوبات الصرع ناتجة عن تغيرات فسيولوجية عضوية في المخ والدليل على ذلك أنه أمكن تسجيل تغيرات كهربائية في المخ في أثناء النوبات الصرعية مهما كان مظهرها الخارجي، وعلى أية صورة كانت هذه النوبات ومهما ضعفت حدة هذه النوبات ولقد أثبت الطب الحديث أخيرا بعد الاستعانة بالأجهزة، والرسم الكهربائي أن هناك مظاهر عديدة، ومختلفة للنوبات الصرعية، وذلك تبعا لمراكز المخ التي تبدأ فيها التغيرات الكهربائية، وطريقة وسرعة انتشارها، وأهم أنواع الصرع ما يسمى
(١) صحيح البخاري- باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.