سر زيادتها في (عتوا) حيث كان، ونقصانها من (عتو) في الفرقان، وإلى سر زيادتها في (آمنوا) وإسقاطها من باءو وفاءو بالبقرة وجاءو في سورتي يوسف والنمل، وتبوءو في سورة الحشر، وإلى سر زيادتها في أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي ونقصانها من أن يعفوا عنهم في النساء؛ أم كيف تبلغ العقول إلى وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض، كحذف الألف من (قرءنا) بيوسف والزخرف وإثباتها في سائر المواضع؛ وإثبات الألف بعد واو (سماوات) في فصلت وحذفها من غيرها؛ وإثبات الألف في الميعاد مطلقا وحذفها من الموضع الذي في الأنفال؛ وإثبات الألف في (سراجا) حيثما وقع وحذفه من موضع الفرقان؛ وكيف نتوصل إلى فتح بعض التاءات وربطها في بعض فكل ذلك لأسرار إلهية، وأغراض نبوية، وإنما خفيت عن الناس لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الرباني، فهي بمنزلة الألفاظ والحروف المقطعة التي في أوائل السور، فإن لها أسرارا عظيمة، ومعاني كثيرة، وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها، ولا يدركون شيئا من المعاني التي أشير إليها، فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا حرفا.
وأما قول من قال: إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور فلا يخفى ما في كلامه من البطلان؛ لأن القرآن كتب في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، وبين يديه، وحينئذ فلا يخلوا ما اصطلح عليه الصحابة، إما أن يكون هو عين الهيئة أو غيرها، فإن كان عينها بطل الاصطلاح؛ لأن سبقية النبي صلى الله عليه وسلم تنافي في ذلك وتوجب الاتباع، وإن كان غير ذلك فكيف يكون النبي صلى الله عليه وسلم كتب على هيئة كهيئة الرسم القياسي مثلا، والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى فلا يصح ذلك لوجهين:
أحدهما: نسبة الصحابة إلى المخالفة، وذلك محال.
ثانيهما: أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم أجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن ولا نقصان حرف منه، وما بين الدفتين كلام الله عز وجل؛ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أثبت ألف الرحمن والعالمين مثلا، ولم يزد الألف في مِائَةَ ولا في ولا أوضعوا ولا الياء بأييد ونحو ذلك،