فإذا طبق الداعية ما تقدم من الصفات والأخلاق والقواعد والضوابط كان من أعظم الناس حكمة- بإذن الله تعالى-.
المسلك الثالث: المدعو:
ينبغي للداعية أن يعلم أن الدعوة إلى الإسلام عامة لجميع البشر، بل للجن والإنس جميعًا، في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة، وليست خاصة بجنس دون جنس، أو طبقة دون طبقة، أو فئة دون فئة، أو زمان دون زمان، أو مكان دون مكان. ومن حق المدعو أن يُؤتى ويُدعى، ولا يجلس الداعي في بيته وينتظر مجيئ الناس إليه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى الناس ويدعوهم، ويخرج إلى القبائل في المواسم، ويذهب إلى مقابلة وملاقاة الوفود ومن يقدم.
ولا يجوز للداعية أن يستصغر شأن أي إنسان أو أن يستهين به؛ لأن من حق كل إنسان أن يُدعى.
وإذا كان من حق المدعو أن يُؤتى ويُدعى ولا يستهان به، ولا يستصغر شأنه فعليه أن يستجيب.
وينبغي للداعية أن يعلم أن المدعوين أصناف وأقسام: فمنهم الملحد، ومنهم المشرك الوثني، ومنهم اليهودي، ومنهم النصراني، ومنهم المنافق، ومنهم المسلم الذي يحتاج إلى التربية والتعليم، ومنهم المسلم العاصي. ثم هم أيضًا يختلفون في قدراتهم العقلية، والعلمية، والصحية، ومراكزهم الاجتماعية: فهذا مثقف، وهذا أمّيٌ،
(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم رحمه الله تعالى، ٣/ ١٦.