للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا بد له من فاعل، وهذه قضايا بدهية جلية واضحة، يشترك في العلم بها جميع العُقلاء، وهي أعظم القضايا العقلية، فمن ارتاب فيها أو شك في دلالتها فقد برهن على ضلاله، واختلال عقله (١).

المسلك الثاني: العدم لا يخلق شيئا:

من القواعد العقلية التي ينبغي للداعية إلى الله أن لا يغفلها في دعوته مع الملحدين قاعدة: العدم لا يخلق شيئا، فالعدم الذي لا وجود له لا يستطيع أن يصنع شيئا، لأنه غير موجود.

وإذا تأمل العاقل في المخلوقات التي تولد في كل يوم، من إنسان وحيوان، وتفكر في كل ما يحدث في الوجود من رياح وأمطار، وليل ونهار، وما يجري في كل حين من حركات منتظمة للشمس والقمر والنجوم والكواكب، إذا تأمل العاقل في هذا وغيره من التغيرات المحكمة التي تجري في الوجود في كل لحظة، فإن العقل يجزم بأن هذا كله ليس من صنع العدم، وإنما هو من صنع الخالق الموجود سبحانه وتعالى (٢).

المسلك الثالث: الطبيعة الصماء لا تملك قدرة، وفاقد الشيء لا يعطيه:

من المعلوم عند جميع العقلاء أن الذي لا يملك مالًا لا يسأل الناس منه المال، والجاهل لا يأتي منه العلم؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

فمن زعم أن الطبيعة (٣) خلقته أو خلقت شيئا فقد خالف العقل وحارب


(١) انظر: الرياض الناضرة لعبد الرحمن بن ناصر السعدي ص٢٤٧، ومنهاج الجدل في القرآن الكريم؛ للدكتور زاهر بن عواض الألمعي ص١٣٨.
(٢) انظر: حاشية ثلاثة الأصول لمحمد بن عبد الوهاب، بقلم عبد الرحمن بن قاسم ص٢٩، والإيمان للزنداني مع مجموعة من العلماء ص٢١، وكتاب التوحيد للزنداني ١/ ٢١.
(٣) الطبيعة عند الماديين بمعنى المادة، والمادة بمعنى الطبيعة، وهي هذه المخلوقات بما هي عليه من صفات. انظر: موقف الإسلام من نظرية ماركس، لأحمد العوايشه ص١٢٨، والإيمان للزنداني ص٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>