للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا راعى الداعية الوقاية من الغضب، والعلاج، وهذه الأسباب العشرة كان حليمًا بإذن الله - تعالى - وبهذا يحقق ركنًا من أركان الحكمة التي من أوتيها فقد أُوتي خيرًا كثيرًا.

[الغضب لإعلاء كلمة الله]

وينبغي أن يعلم أن الغضب لله يكون محمودًا، ولا يدخل في الغضب المذموم، فالغضب المحمود يكون من أجل الله عندما ترتكب حرمات الله، أو تترك أوامره ويستهان بها، وهذا من علامات قوة الإيمان، ولكن بشرط أن لا يخرج هذا الغضب عن حدود الحلم والحكمة، وقد كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يغضب لله إذا انتهكت محارمه، وكان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء، ولم يضرب بيده خادمًا، ولا امرأة، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وقد خدمه أنس بن مالك - رضي الله عنه - عشر سنوات، فما قال له: أُفٍّ، قَطُّ، ولا قال له لشيء فعله. لم فعلت كذا، ولا لشيء لم يفعله ألا فعلت كذا؟ (١).

وهذا لا ينافي الحلم والحكمة، بل الغضب لله في حدود الحكمة من صميم الحلم والحكمة.


(١) انظر: عدة حالات غضب فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لله تعالى، في البخاري مع الفتح، في كتاب الأدب، باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله - تعالى - ١٠/ ٥١٧، وانظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب ص١٢٧، وفتح الباري ١٠/ ٥١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>