للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسلك الأول: معجزات القرآن العظيم]

المعجزة لغة: ما أعجز به الخصم عند التحدي (١).

وهي أمر خارق للعادة يعجز البشر متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله، يجعله الله على يد من يختاره لنبوته؛ ليدل على صدقه وصحة رسالته (٢).

والقرآن الكريم كلام الله المنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم هو المعجزة العظمى، الباقية على مرور الدهور والأزمان، المعجز للأولين والآخرين إلى قيام الساعة (٣) قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات على ما مثله آمن البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة» (٤).

وليس المراد في هذا الحديث حصر معجزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في القرآن، ولا أنه لم يؤت من المعجزات صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كمن تقدمه، بل المراد أن القرآن المعجزة


(١) انظر. القاموس المحيط، باب الزاي، فصل العين، ص ٦٦٣.
(٢) انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني، ١/ ٦٦، والمعجم الوسيط، مادة: عجز، ٢/ ٥٨٥، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد، للدكتور صالح الفوزان ٢/ ١٥٧.
والفرق بين المعجزة والكرامة: هو أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بدعوى النبوة والتحدي للعباد. أما الكرامة: فهي أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ولا التحدي، ولا تكون الكرامة إلا لعبد ظاهره الصلاح، مصحوبا بصحة الاعتقاد والعمل الصالح. أما إذا ظهر الأمر الخارق على أيدي المنحرفين فهو من الأحوال الشيطانية. وإذا ظهر الأمر الخارق على يد إنسان مجهول الحال؛ فإن حاله يعرض على الكتاب والسنة كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: (إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء، فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة). انظر. شرح العقيدة الطحاوية، ص ٥١٠، وسير أعلام النبلاء، ١٠/ ٢٣، والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية للسلمان، ص ٣١١.
(٣) انظر: الداعي إلى الإسلام للأنباري ص ٣٩٣.
(٤) البخاري مع الفتح، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزل الوحي ٩/ ٣، ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى جميع الناس ١/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>