للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول العلم]

العلم من أعظم أركان الحكمة، ولهذا أمر الله به، وأوجبه قبل القول والعمل، فقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: ١٩] (١).

وقد بوَّب الِإمام البخاري - رحمه الله - لهذه الآية بقوله: " باب: العلم قبل القول والعمل " (٢).

وذلك أن الله أمر نبيه بأمرين: بالعلم، ثم العمل، والمبدوء به العلم في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] ثم أعقبه بالعمل في قوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: ١٩] فدل ذلك على أن مرتبة العلم مقدمة على مرتبة العمل، وأن العلَم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو مقدم عليهما؛ لأنه مصحح للنية المصححة للعمل (٣).

والعلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يكون علم من غير الرسول، لكن في أمور دنيوية، مثل: الطب، والحساب، والفلاحة، والتجارة (٤).

ولا يكون الداعية إلى الله حكيمًا إلا بالعلم الشرعي، وإن لم يصحب الداعية من أول قدم يضعه في الطريق إلى آخر قدم ينتهي إليه، فسلوكه على غير طريق، وهو مقطوع عليه طريق الوصول، ومسدود عليه سبيل الهدى والفلاح، وهذا إجماع من العارفين.


(١) سورة محمد، الآية ١٩.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل ١/ ١٥٩.
(٣) انظر. فتح الباري ١/ ١٦٠، وحاشية ثلاثة الأصول لمحمد بن عبد الوهاب، جمع عبد الرحمن بن قاسم الحنبلي، ص ١٥.
(٤) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ١٣/ ١٣٦، ٦/ ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>