للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع

مواقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، هو أول من أسلم من الصبيان، كما أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال، وخديجة أول من أسلم من النساء، وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي، فكان علي - رضي الله عنه - من السابقين الأولين إلى الإِسلام، وله مواقف كثيرة مُشرِّفة يعتز بها كل مسلم، ويرتفع رأسه بذلك، ولا يتسع المقام لذكرها، وسأقتصر على أربعة مواقف من مواقفه - رضي الله عنه - البطولية الحكيمة، التي وقفها - رضي الله عنه - ابتغاء مرضاة الله - تعالى - والدار الآخرة، وهذه المواقف كالتالي (١).

١ - موقفه رضي الله عنه في تقديم نفسه فداء للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته:

عندما اجتمع قريش في دار الندوة، وأجمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم والتخلص منه، أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم خلق الله، فأراد أن يبقى من أراد قتله ينظر إلى فراشه ينتظرونه يخرج عليهم، فأمر علي بن أبي طالب الشاب البطل أن ينام في فراشه تلك الليلة، ومن يجرؤ على البقاء في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم والأعداء قد أحاطوا بالبيت يتربّصون به ليقتلوه؟ من يفعل هذا ويستطيع البقاء في هذا البيت وهو يعلم أن الأعداء لا يُفرِّقون بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في مضجعه؟ إنه لا يفعل ذلك إلا أبطال الرجال وشجعانهم بفضل الله - تعالى -، فرضي الله عن علي وأرضاه.

وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يُقيم بمكة أيامًا حتى يؤدي أمانة الودائع والوصايا التي كانت عنده إلى أصحابها من أعدائه كاملة غير منقوصة، وهذا من أعظم العدل، وأداء الأمانة (٢).


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٧/ ٢٢٣.
(٢) انظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>