أصناف المدعوين: من الملحدين، والوثنيين، وأهل الكتاب، وغيرهم من الكفار إذا لم يؤثر فيهم ما تقدم من حكمة القول في دعوتهم، ولم يستفيدوا من حكمة القول العقلية، والحسية، والنقلية، والبراهين المعجزة، والجدال بالتي هي أحسن، وأعرضوا وكذبوا فحينئذ يكون آخر الطب الكي: وهو استخدام القوة؛ فإن لها الأثر العظيم في نشر الدعوة، وقمع الباطل وأهله، ونصر الحق وأهله، قال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحديد: ٢٥](١).
فبين- سبحانه- أنه أرسل الرسل، عليهم الصلاة والسلام، بالبينات وهي: المعجزات، والحجج الباهرات، والبراهين الساطعات والدلائل القاطعات، التي يوضح الله بها الحق ويدفع بها الباطل، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البينات والهدى والإيضاح، وأنزل معهم الميزان: وهو العدل في الأقوال والأفعال الذي ينصف به المظلوم من الظالم، ويقام به الحق، ويعامل الناس على ضوئه بالحق، وأنزل الحديد فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة والبرهان وتؤثر فيه البينة، فهو الملزم بالحق والقامع للباطل بإذن الله -تعالى-. ولقد أحسن من قال في مثل هذا: