للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الداعية المستقيم في شبابه وحياته كلها، فإنه يظل أبدًا بفضل الله رافع الرأس، ناصع الجبين، ولا يجد أعداء الدعوة سبيلا إلى غمزه بماض قريب أو بعيد، ولا يتخذون من هذا الماضي المنحرف وسيلة إلى التشهير به، أو دعوة الناس إلى الاستخفاف به وبشأنه.

ولا شك أن الله - عز وجل - يقبل توبة التائب المقبل عليه بصدق وإخلاص، ويمحو بحسناته الحاضرة سيئاته المنصرمة. والداعية إذا استقامت سيرته، وحسنت سمعته الطيبة الحميدة، وسلوكه الحكيم (١) نجح في دعوته بإذن الله تعالى.

وإذا سلك الداعية المسالك الحكيمة في سلوكه فقد سلك أعظم الطرق في اكتساب الحكمة، ومن هذه المسالك على سبيل المثال: ما يأتي:

المسلك الأول: قدوة الداعية في سلوكه.

المسلك الثاني: أصول السلوك الحكيم.

المسلك الثالث: وصايا الحكماء باكتساب الحكمة.

المسلك الأول: قدوة الداعية في سلوكه:

ينبغي للداعية أن يتخذ في سلوكه وأعماله كلها قدوة حكيمًا، وإمامًا نبيلاً، وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقد كان حسن السيرة والسلوك، بل كان أعظم خلق الله في حسن خلقه الذي دل عليه سلوكه الحكيم، ولا غرابة فقد مدحه ربه وأثنى عليه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] (٢) وعرف قومه ذلك منه، ولكن صد بعضهم عن تصديقه الَكبر والجحود {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: ٣٣] (٣) ولهذا عندما قال


(١) انظر: السيرة النبوية دروس وعبر، للدكتور مصطفى السباعي ص ٣٩.
(٢) سورة القلم، الآية ٤.
(٣) سورة الأنعام، الآية ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>