للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم واتبع سلوكه الحكيم، وكل سلوكه حكيم صلى الله عليه وسلم وكيف لا يكون كذلك وهو الذي بعثه الله رحمة للعالمين، متممًا لمكارم الأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (١).

وسُئلت عائشة - رضي الله عنها - عن خلقه، فقالت: " فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن " (٢).

ولنا فيه خير أسوة، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] (٣). فحريٌّ بالداعية أن يلتزم سلوكه، وبذلك يكون حكيمًا في دعوته، موافقاً للصواب بإذن الله تعالى.

المسلك الثاني: أصول السلوك الحكيم:

لقد جعل الله - عز وجل - للسلوك الحكيم قواعد عظيمة، إذا التزمها الداعية إلى الله - عز وجل - كان ذلك من أسباب توفيق الله له، واكتسابه الحكمة، ومن أجمع الآيات في هذا الشأن، قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: ٩٠] (٤).

وهذه الآية من أعظم قواعد السلوك الحكيم وأصوله العظيمة، فهي جامعة لجميع المأمورات والمنهيات، لم يبق شيء إلا دخل فيها، وهذه قاعدة ترجع إليها سائر الجزئيات، فكل مسألة مشتملة على عدل، أو إحسان، أو إيتاء ذي قربى، فهي مما أمر الله به.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى بلفظه ١٠/ ١٩٢، وأحمد٢/ ٣٨١، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٢/ ٦١٣، وانظر: صحيح الجامع الصغير٣، برقم٢٨٣٠، والأحاديث الصحيحة ١/ ٧٥، برقم ٤٥.
(٢) مسلم، في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض١/ ٥١٣.
(٣) سورة الأحزاب، الآية ٢١.
(٤) سورة النحل، الآية ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>