للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كانت العبادة لا يمكن أن تُعرف أحكامها على التفصيل أرسل الله الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنزل عليهم الكتب؛ لبيان الأمر الذي خلق من أجله الخلق؛ " ولِإيضاحه وتفصيله لهم حتى يعبدوا الله على بصيرة، فقاموا بواجبهم على الوجه الأكمل عليهم الصلاة والسلام.

ثم ختم الله تعالى الرسل بأفضلهم وإمامهم وسيدهم نبينا محمد بن عبد الله، عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، ودعا إلى الله على بصيرةٍ سرًّا وجهرًا. {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] (١).

وهذه طريقته ومسلكه وسنته، يدعو إلى الله على بصيرة، ويقين، وبرهان عقلي وشرعي (٢).

١ - أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

١ - قد بيّن القرآن الكريم طرق الدعوة إلى الله تعالى، ويأتي في مقدمة هذه الطرق: الحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل - وقد أمر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة، فقال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥] (٣).

٢ - من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى الله عز وجل، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجا بفضل الله تعالى، ثم بفضل هذا النبي الحكيم صلى الله عليه وسلم الذي ملأ الله قلبه بالِإيمان والحكمة، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان أبو ذر يحدث أن


(١) سورة يوسف، الآية ١٠٨.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٤٩٦.
(٣) سورة النحل، الآية ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>