٣ - مواقفه الحكيمة مع قازان وقوات التتار: لم يقتصر الشيخ تقي الدين على طلب العلم النافع وتعليمه للناس، وترسيخ العقيدة في أذهانهم، وحثِّهم على الجهاد في سبيل الله تعالى، بل قد قام بتطبيق ما يدعو إليه، ويرغب في ثوابه من الجهاد في سبيل الله -تعالى-، فقد هجم التتار على دمشق، وكانت حينئذ ولاية تابعة لسلطان المماليك في مصر، فجهَّز السلطان جيشًا ليرد التتار عن بلاد الشام، فكانت الوقعة بين الجيش وقوات " قازان " في ٢٧ ربيع الأول ٦٩٩هـ، ولكن كانت الغلبة لجيشي التتار، وعادت عساكر السلطان إلى مصر، ودخل التتار إلى دمشق، وعاثوا في الأرض فسادًا، وحينئذ اجتمع الشيخ تقي الدين بأعيان البلد، واتفقوا على السير إلى قازان في يوم الاثنين الثالث من ربيع الثاني سنة ٦٩٩هـ (١) والتحدث إليه، فلما وصلوا إلى قازان قائد التتار في بلدة النبك، المجاورة لدمشق، قابله الشيخ، وطلب منه الأمان لأهل دمشق، ورد الأسرى من المسلمين وأهل الذمة، ثم تكلم معه كلام الأبطال الشجعان، فأنزل الله الرعب في قلب السلطان، وسأل: من هذا الشيخ؟ فإني لم أرَ مثله، ولا أثبت قلبًا منه، ولا أوقع منه حديثًا في قلبي، ولا رأيتني أعظم انقيادًا لأحد منه، فأُخْبِر بما له وما هو عليه من العلم والعمل، ثم قال له الشيخ بواسطة الترجمان:"إنك تزعم أنك مسلم، ومعك قاض، وإمام وشيخ، ومؤذنون، فغزوتنا، وأبوك وجدك كانا كافرين، وما عملا الذي عملت عاهدا فوَفَّيَا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت، وجُرْت".
ثم قدم لهم قازان طعامًا فأكلوا، ولم يأكل ابن تيمية، فسئل عن ذلك؟ قال: كيف آكل من طعامكم، وكله مما نهبتم من أغنام الناس، وطبختموه