للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتوفيق الله - تعالى-، وأسأل الله أن ينفعني بذلك، وينفع به جميع المسلمين؛ فإنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.

أما أهم النتائج التي أعانني الله ويسر لي التوصل إليها في هذا البحث فمنها ما يلي:

١ - إن الحكمة في الدعوة إلى الله لا تقتصر على الكلام اللين والترغيب والرفق والحلم والعفو والصفح، بل تشمل جميع الأمور التي عملت بإتقان وإحكام، وذلك بأن تنزل في منازلها اللائقة بها، فيوضع القول الحكيم والتعليم والتربية في مواضعها، والموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظالم المعاند، والمستكبر في موضعها، والزجر والغلظة والقوة في مواضعها، وكل ذلك بإحكام وإتقان، ومراعاة لأحوال المدعوين، والواقع والأزمان والأماكن، في مختلف العصور والبلدان، مع إحسان القصد والرغبة فيما عند الكريم المنان.

٢ - إن الداعية الحكيم هو الذي يدرس ويعرف أحوال المدعوين: الاعتقادية، والنفسية والاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية، ويعرف مراكز الضلال ومواطن الانحراف، وعاداتهم ولغتهم ولهجاتهم، والإحاطة بمشكلاتهم، ومستواهم الجدلي، ونزعاتهم الخلقية، والشبه التي تعلق بأذهانهم، ثم ينزل الناس منازلهم ويدعوهم على قدر عقولهم وأفهامهم، ويعطي الدواء على حسب الداء.

٣ - إن النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة للدعاة الحكماء، فقد كان يلازم الحكمة في جميع أموره، وخاصة في دعوته إلى الله -عز وجل-، وهذا من فضل الله عليه وعلى أتباعه، فقد أرسل جبريل ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم، ثم أفرغ في صدره طستا من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا (١) وأقبل


(١) انظر: البخاري مع الفتح، ١/ ٤٥٨، ومسلم ١/ ١٤٨، وتقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>