للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

إنزال الناس منازلهم الداعية الحكيم هو الذي يدرس الواقع، وأحوال الناس، ومعتقداتهم، وينزل الناس منازلهم، ثم يدعوهم على قدر عقولهم وأفهامهم وطبائعهم وأخلاقهم ومستواهم العلمي والاجتماعي، والوسائل التي يؤتون من جهتها، ولهذا قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله" (١).

وذُكِرَ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُنْزِلَ الناس منازلهم» (٢) وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" (٣).

وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للدعاة إلى الله -عز وجل-، فقال لمعاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن -داعيًا ومعلمًا وقاضيًا-: «إنك تأتي قومًا أهل كتاب». . . " الحديث (٤).

فبين صلى الله عليه وسلم لمعاذ عقيدة القوم الذين سوف يقدم عليهم حتى يعرف حالهم، ويستعد لهم، ويقدم لهم ما يناسبهم، وما يصلح أحوالهم.


(١) البخاري مع الفتح، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا ١/ ٢٢٥.
(٢) مسلم، في المقدمة، مع شرح النووي، ١/ ٥٥، وسنن أبي داود مع العون، ١٣/ ١٩١.
(٣) مسلم، المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع ١/ ١١.
(٤) البخاري مع الفتح، كتاب الزكاة، باب: لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة ٣/ ٣٢٢، واللفظ له، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله وشرائع الإسلام ١/ ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>