للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني الحلم]

الحِلمُ: بالكسر: العقل (١) وحلم حلمًا: تأنَّى وسكن عند غضب أو مكروه مع قدرة، وقوة، وصفح، وعقل (٢) ومن أسماء الله - تعالى -: (الحليم) وهو الذي لا يستخفه شيء من عصيان العباد، ولا يستفزه الغضب عليهم، ولكنه جعل لكل شيء مقداراً فهو منته إليه (٣).

والحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب (٤).

والحلم: هو حالة متوسطة بين رذيلتين: الغضب، والبلادة. فإذا استجاب المرء لغضبه بلا تعقل ولا تبصر كان على رذيلة، وإن تبلد، وضيع حقه ورضي بالهضم والظلم كان على رذيلة، وإن تحلى بالحلم مع القدرة، وكان حلمه مع من يستحقه كان على فضيلة.

وهناك ارتباط بين الحلم وكظم الغيظ، وهو أن ابتداء التخلق بفضيلة الحلم يكون بالتحلم: وهو كظم الغيظ، وهذا يحتاج إلى مجاهدة شديدة، لما في كظم الغيظ من كتمان ومقاومة واحتمال، فإذا أصبح ذلك هيئة راسخة في النفس، وأصبح طبعاً من طبائعها كان ذلك هو الحلم، والله أعلم (٥).

وقد وصف الله نفسه بصفة الحلم في عدة مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: ١٥٥] (٦).

ونلاحظ أن الآيات التي وصفت الله بصفة الحلم قد قرنت صفة الحلم


(١) القاموس المحيط، باب الميم، فصل الحاء، ص ١٤١٦.
(٢) المعجم الوسيط، مادة: حلم ١/ ١٩٤.
(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، حرف الحاء مع اللام ١/ ٤٣٤.
(٤) المفردات في غريب القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة حلم، ص ١٢٩.
(٥) انظر: مفردات غريب القرآن، ص ١٢٩، وأخلاق القرآن للشرباصي ١/ ١٨٢، والأخلاق الإسلامية لعبد الرحمن الميداني ٢/ ٣٢٦.
(٦) سورة آل عمران، الآية ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>