للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدًا قد قال كذا وكذا، فإن كان كاذبًا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقًا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا، قالوا: قد أنصفت، فأنزلوا الصحيفة، فلما رأوا الأمر كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرًا إلى كفرهم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب بعد عشرة أعوام من البعثة، ومات أبو طالب بعد ذلك بستة أشهر، وماتت خديجة بعده بثلاثة أيام، وقيل غير ذلك (١) ولما نُقِضَت الصحيفة وافق موت أبي طالب وموت خديجة وبينهما زمن يسير، فاشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفهاء قومه، وتجرؤوا عليه فكاشفوه بالأذى، فازدادوا غمًّا على غم حتى يئس منهم، وخرج إلى الطائف رجاء أن يستجيبوا لدعوته أو يؤووه أو ينصروه على قومه، فلم ير من يؤوي، ولم ير ناصرًا، وآذوه مع ذلك أشد الأذى، ونالوا منه ما لم ينله قومه (٢).

المسلك الثالث: مواقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد خروجه إلى الطائف:

في شوال، من السنة العاشرة من النبوة، خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لعله يجد في ثقيف حسن الإِصغاء لدعوته والانتصار لها، وكان معه زيد بن حارثة مولاه، وكان في طريقه كلما مر على قبيلة دعاهم إلى الإِسلام، فلم تُجِبْه واحدة منها.

١ - موقفه الحكيم في دعوته لأهل الطائف: عندما وصل الطائف عمد إلى رؤسائها فجلس إليهم، ودعاهم إلى الإسلام، فردوا عليه ردًّا قبيحًا، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من


(١) انظر: زاد المعاد٣/ ٣٠، وسيرة ابن هشام١/ ٣٧١، البداية والنهاية٣/ ٦٤، والتاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر٢/ ١٠٩، ١٢٧، ١٢٨، وتاريخ الإِسلام للذهبي- قسم السيرة ص١٢٦، ١٣٧، والرحيق المختوم ص١١٢.
(٢) انظر: زاد المعاد ٣/ ٣١، والرحيق المختوم ص١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>