للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلادنا، وأغروا به سفهاءهم وصبيانهم، فلما أراد الخروج تبعه هؤلاء السفهاء واجتمعوا عليه صَفَّيْنِ يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه حتى اختضب نعلاه بالدماء، وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاج في رأسه، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى مكة محزونًا، كسير القلب، وفي طريقه إلى مكة أرسل الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبَيْن على أهل مكة، وهما جبلاها اللذان هي بينهما (١).

٢ - حكمته العظيمة في جوابه لملك الجبال: عن عائشة - رضي الله عنها- أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: "لقد لقيت من قومك [ما لقيت]، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال (٢) فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أسْتَفِق إلا بقرن الثعالب (٣) فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني؛ فقال: إن الله - عز وجل- قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال وسلم عليّ، ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت (٤)؟ إن شئت أن أُطْبِق عليهم


(١) انظر: زاد المعاد٣/ ٣١، والرحيق المختوم ص١٢٢، وهذا الحبيب ص١٣٢، والبداية والنهاية ٣/ ١٣٥.
(٢) ابن عبد يا ليل بن كلال من أكابر أهل الطائف من ثقيف. الفتح ٦/ ٣١٥.
(٣) وهو ميقات أهل نجد، ويقال له: قرن المنازل، ويعرف الآن بالسيل الكبير. انظر الفتح: ٦/ ١١٥.
(٤) استفْهام، أي: فأمرني بما شئت. انظر: فتح الباري٦/ ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>