للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروم، فأنفق أهل الأموال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كل على حسب طاقته وجهده.

أما عثمان بن عفان فقد أنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها، فقد ثبت أنه أنفق في هذه الغزوة ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وجاء بألف دينار فنثرها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم، يُقلّبها في حجره ويقول: «ما ضرّ عثمان ما عمل بعد هذا اليوم» قالها مرارًا (١).

وهذه نفقة عظيمة جدًّا تدلّ على صدق عثمان وقوة إيمانه، ورغبته فيما عند الله - تعالى -، وإيثار الآخرة على الدنيا، - فرضي الله عنه وأرضاه -، فقد حصل على الثواب العظيم والجزاء الذي ليس بعده جزاء. «من جهز جيش العسرة فله الجنة» (٢).

٢ - موقفه العظيم في جمع الأمة على قراءة واحدة، وحسم الاختلاف:

كان من أعظم مواقف الحكمة التي وقفها عثمان جمع شمل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على قراءة واحدة، فقد كان من مناقبه الكبار، وحسناته العظيمة، أنه جمع الناس على قراءة واحدة، وكتب المصحف على العرضة الأخيرة التي درسها جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر سني حياته، وكان سبب ذلك أن حذيفة بن اليمان كان في غزوة أهل الشام في فتح أرمينية، وأذربيجان، مع أهل العراق، وقد اجتمع في هذه الغزوة خلق من أهل الشام، ممن يقرأ على


(١) الترمذي، في كتاب المناقب، باب مناقب عثمان رضي الله عنه ٥/ ٦٢٦، والحاكم - واللفظ له - وصححه ووافقه الذهبي ٣/ ١٠٢، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٧/ ٥٤، ٥/ ٤٥٨، ٨/ ١١١، وسيرة ابن هشام ٤/ ١٧٢، والبداية والنهابة ٥/ ٤، ٧/ ٢٠١، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٥١، وحياة الصحابة ٢/ ٢٦٤، ٢٦٥، وانظر: صحيح الترمذي ٣/ ٢٠٨، ٢١٠، والتاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر ٣/ ٢٢٣، ٢/ ٣٥٣.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب الوصايا، باب إذا وقف أرضًا أو بئرًا، ٥/ ٤٠٧، وتقدم تخريجه، وانظر البداية والنهاية ٧/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>