للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمن كف عنهم عملا بآية النساء وما ورد في معناها في الطور الثاني من أطوار الجهاد (١) قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: ٦١] (٢) ولا تعارض بين هذه الآية وآية التوبة وما جاء في معناها، لأن آية التوبة فيها الأمر بقتال الكفار إذا أمكن ذلك، فأما إن كان العدو كثيفا فإنه يجوز مهادنتهم كما دلت عليه آية الأنفال، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فلا منافاة ولا نسخ ولا تخصيص والله أعلم (٣).

ويكون الأمر لولي الأمر إن شاء قاتل، وإن شاء كف، وإن شاء قاتل قوما دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين لا على حسب هواه وشهواته. فإذا صار عندهم من القوة والقدرة، والسلاح ما يستطيعون به قتال جميع الكفار أعلنوها حربا للجميع وأعلنوا الجهاد للجميع (٤).

المسلك الثالث: الإعداد لقوة الجهاد:

ولا يمكن أن يكون الجهاد قويا إلا بإعداد قوتين عظيمتين.

١ - قوة الإيمان والعمل الصالح، كما قال عز وجل: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧] (٥) وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ - وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٧ - ٨] (٦) {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: ٥١] (٧)


(١) قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز- حفظه الله-: وهذا القول أصح وأولى من القول بالنسخ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وبهذا يعلم أن قول من قال من كتاب العصر إن الجهاد شرع للدفاع لا للطلب قول غير صحيح ومخالف للنصوص. انظر فضل الجهاد لابن باز ص ٢٦، وفتاوى ابن باز أيضا ٣/ ١٧١.
(٢) سورة الأنفال، الآية ٦١.
(٣) تفسير ابن كثير ٢/ ٣٢٤.
(٤) انظر فتاوى ابن باز ٣/ ١٩٣، وفتاوى ابن تيمية ١٣/ ١٦.
(٥) سورة الروم، الآية ٤٧.
(٦) سورة محمد، الآية ٧، ٨.
(٧) سورة غافر، الآية ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>