للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلك الثاني عشر: الرغبة فيما عند الله تعالى:

مما يعين على النصر على الأعداء هو الطمع في فضل الله وسعادة الدنيا والآخرة، ولهذا نصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، ومما يدل على الرغبة فيما عند الله تعالى ما يأتي:

(أ) ما فعل عمير بن الحمام في بدر حينما قال صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض". فقال يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: "نعم" قال: بخ بخ (١) فقال صلى الله عليه وسلم: "ما يحملك على قولك بخ بخ؟ " قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: "فإنك من أهلها". فأخرج تمرات من قرنه (٢) فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل» (٣).

(ب) ما فعل أنس بن النضر - عم أنس بن مالك - يوم أحد. تأخر - رضي الله عنه- عن معركة بدر، فشق عليه ذلك وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، وإن أراني الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله ما أصنع (٤). فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فاستقبل سعد بن معاذ فقال له أنس: يا أبا عمرو واها لريح الجنة (٥) أجده دون أحد فقاتلهم حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية، فما عرفته أخته- الربيع بنت النضر - إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٢٣]


(١) كلمة تقال لتعظيم الأمر وتفخيمه في الخير. انظر شرح النووي ١٣/ ٤٥.
(٢) أي جعبة النشاب. انظر شرح النووي ١٣/ ٤٦.
(٣) مسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، ٣/ ١٥١٠.
(٤) أي ليرى الله ما أصنع. انظر شرح النووي، ١٣/ ٤٨.
(٥) كلمة تحنن وتلهف، انظر: شرح النووي، ٣/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>