للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمهيد]

إن من حكمة القول في دعوة أهل الكتاب إلى الله- تعالى- أن يجادلوا بالتي هي أحسن، بحسن خلق ولطف ولين كلام، ودعوة إلى الحق, وتحسينه بالأدلة العقلية والنقلية، ورد الباطل بأقرب طريق وأنسب عبارة, وأن لا يكون القصد من ذلك مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو، بل أن يكون القصد بيان الحق، وهداية الخلق، كما قال عز وجل (١) {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: ٤٦] (٢) وقال عز وجل: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤] (٣).

ونظير ذلك من الدعوة بالقول الحكيم قوله -عز وجل- لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى - فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٣ - ٤٤] (٤).

ومن ذلك القول اللين كقوله تعالى لموسى:


(١) انظر: تفسير ابن كثير ١/ ٣٧٢، ٣/ ٤١٦، وفتح القدير للشوكاني ١/ ٣٤٨، والسعدي ١/ ٣٨٩، ٦/ ٩٢، وأضواء البيان ٣/ ٣٨٥.
(٢) سورة العنكبوت، الآية ٤٦.
(٣) سورة آل عمران، الآية ٦٤.
(٤) سورة طه، الآيتان ٤٣، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>