للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعاهدهم، وأقرهم على أموالهم، واشترط عليهم، وشرط لهم (١).

وهذا الميثاق في غاية الدقة، وحسن السياسة، وكمال الحكمة من النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ربط بين جميع المسلمين في المدينة وبين اليهود، فأصبحوا كتلة واحدة، يستطيعون أن يقفوا في وجه كل من يريد أهل المدينة بسوء. وهذه الخطوات الخمس: بناء المسجد، ودعوة اليهود إلى الإسلام، والمؤاخاة بين المؤمنين وتربيتهم، وكتابة الميثاق، هي التي حل بها النبي صلى الله عليه وسلم - بفضل الله تعالى- الخلاف المستحكم بين سكان المدينة، وأزال بها جميع آثار الماضي، ووحَّد بها قلوب المسلمين، وطبق بها النظام المتقن داخلِ المدينة، ومن ثم انتشر هذا النظام، والدعوة إلى الله من هذه المدينة إلى جميع أقطار العالم (٢).

المسلك الثاني: مواقف الحكمة في حسن الإعداد للقتال، والشجاعة والبطولة:

بعد أن كوَّن النبي صلى الله عليه وسلم مجتمعًا متماسكًا بالمدينة، وأصبح هذا المجتمع كتلة واحدة أمام من يريد العاصمة الإسلامية بسوء- وما ذلك إلا بفضل الله ثم بحكمة المصطفى صلى الله عليه وسلم - قام صلى الله عليه وسلم بالجهاد في سبيل الله، بالقلب واللسان، والدعوة والبيان، والسيف والسنان، فقد أرسل ستّا وخمسين سرية، وقاد بنفسه سبعًا وعشرين غزوة (٣).

ومن مواقفه الحكيمة في ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٣/ ٢٢٤ - ٢٢٦، وزاد المعاد٣/ ٦٥، وانظر: كتابة الميثاق بين المسلمين ويهود المدينة في سيرة ابن هشام٢/ ١١٩ - ١٢٣.
(٢) انظر: الرحيق المختوم ص١٧١، ١٧٨، ١٨٥، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر٢/ ١٦٦، ٢/ ٦٩، ١٦٠، وهذا الحبيب يا محب ص ١٧٤، ١٧٦.
(٣) انظر تلك البطولات الحكيمة في: البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب غزوة العشيرة ٧/ ٢٧٩، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب عددذ غزوات النبي-صلى الله عليه وسلم -٣/ ١٤٤٧، وشرح النووي على مسلم٢ ١/ ١٩٥، وفتح الباري ٧/ ٢٨٠، ٢٨١، والبداية والنهاية لابن كثير ٣/ ٢٤١، ٥/ ٢١٦، ٢١٧، وزاد المعاد لابن القيم ٣/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>