للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا الجهد المبارك العظيم لم يلجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاغتيال السياسي، ولم يتخلص بالاغتيال من أفراد بأعينهم، وكان بإمكانه ذلك وبكل يسر وسهولة، إذ كان يستطيع أن يكلف أحد الصحابة بقتل بعض قادة الكفر: كالوليد بن المغيرة المخزومي، أو العاص بن وائل السهمي، أو أبي جهل عمرو بن هشام، أو أبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب، أو النضر بن الحارث، أو عقبة بن أبي معيط، أو أُبيّ بن خلف، أو أُمية بن خلف. .، وهؤلاء هم من أشد الناس أذية لرسول الله-لمجير، فلم يأمر أحدًا من أصحابه باغتيال أحد منهم أو غيرهم من أعداء الإِسلام؛ فإن مثل هذا الفعل قد يُودي بالجماعة الإسلامية كاملة، أو يعرقل مسيرتها مدة ليست باليسيرة، كرد فعل من أعدَاء الإِسلام الذين يتكالبون على حربه، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يؤمر في هذه المرحلة باغتيالهم؛ لأن الذي أرسله هو أحكم الحاكمين.

وعلى هذا يجب أن يسير الدعاة إلى الله فوق كل أرض، وتحت كل سماء، وفي كل وقت، يجب أن تكون الدعوة على حسب المنهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان ذلك قبل الهجرة أو بعدها، فطريق الدعوة الصحيح هو هديه والتزام أخلاقه وحكمه وتصرفاته على حسب ما أرادها صلى الله عليه وسلم (١).

(ب) صموده وثباته أمام ممثلي قريش واضطهادهما: رأت قريش أن تجرب أسلوبًا آخر تجمع فيه بين الترغيب والترهيب، فلترسل إلى محمد صلى الله عليه وسلم تعرض عليه من الدنيا ما يشاء، ولترسل إلى عمه الذي يحميه تحذره مغبة هذا التأييد والنصرة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وتطلب منه أن يكف عنها محمدًا ودينه (٢).


(١) انظر: التاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر٢/ ٦٥.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٣/ ٤١، وفقه السيرة لمحمد الغزالي ص١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>