للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - موقفه صلى الله عليه وسلم مع الطفيل بن عمرو الدوسي: من مواقف الحكمة ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الطفيل بن عمرو الدوسي - رضي الله عنه-، فقد أسلم الطفيل - رضي الله عنه- قبل الهجرة في مكة، ثم رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فبدأ بأهل بيته، فأسلم أبوه وزوجته، ثم دعا قومه إلى الله- عز وجل- فأبت عليه وعصت، وأبطؤوا عليه، فجاء الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له أن دوسًا هلكت وكفرت وعصت وأبت. فعن أبي هريرة - رضىِ الله عنه- قال: «جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن دوسًا قد عصت وأبت، فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: "اللهم اهد دوسًا، وائت بهم، اللهم اهد دوسًا، وائت بهم» (١).

وهذا يدل على حلم النبي صلى الله عليه وسلم وصبره وتأنيه في الدعوة إلى الله- عز وجل-؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعجل بالعقوبة، أو الدعاء على من رد الدعوة؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم دعا لهم بالهداية، فاستجاب الله دعاءه، وحصل على ثمرة الصبر والتأني وعدم العجلة، فقد رجع الطفيل إلى قومه، ورفق بهم، فأسلم على يديه خلق كثير، ثم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر، فدخل المدينة بثمانين أو تسعين بيتًا من دوس، ثم لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، فأسهم لهم مع المسلمين (٢)


(١) البخاري مع الفتح، في كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم ٦/ ١٠٧، وفي كتاب المغازي، باب قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي ٨/ ١٠١، وفي كتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين١١/ ١٩٦، ومسلم، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع وتميم ودوس وطيء ٤/ ١٩٥٧، وأخرجه أحمد واللفظ له ٢/ ٢٤٣، ٤٤٨، وانظر: البداية والنهاية ٦/ ٣٣٧، ٣/ ٩٩، وسير ابن هشام١/ ٤٠٧.
(٢) انطر: سير أعلام النبلاء للذهبي١/ ٣٤٦، وزاد المعاد٣/ ٦٢٦، والإصابة في تمييز الصحابة ٢/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>