للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر. لا والله لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا، ولكنا الأمراء، وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب دارًا، وأعربهم أحسابًا، فبايعوا عمر، أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك أنتَ، فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس (١).

فرضي الله عن عمر وأرضاه، فإنه عندما ارتفعت الأصوات في السقيفة وكثر اللَّغَطُ، وخشي عمر الاختلاف، ومن أخطر الأمور التي خشيها عمر أن يُبْدَأ بالبيعة لأحد الأنصار فتحدث الفتنة العظيمة؛ لأنه ليس من اليسير أن يبايع أحد بعد البدء بالبيعة لأحد الأنصار، فأسرع عمر - رضي الله عنه - إخمادًا للفتنة، فقال لأبي بكر: ابسط يدك، فبسط يده فبايعه، وبايعه المهاجرون، ثم الأنصار (٢).

وعندما كان يوم الثلاثاء جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدًا عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيُدَبّر أمرنا، يقول: يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعته العامة بعد بيعة السقيفة (٣).


(١) البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذًا خليلًا ٧/ ٢٠.
(٢) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٧/ ٣٢، وسيرة ابن هشام ٤/ ٣٣٩، والبداية والنهاية ٥/ ٢٤٦، ٦/ ٣٠١، وحياة الصحابة ٢/ ١١، وتاريخ الخلفاء ص٥١.
(٣) انظر: سيرة ابن هشام ٤/ ٣٤٠، والبداية والنهاية ٥/ ٢٤٨، ٦/ ٣٠١، والتاريخ الإِسلامي لمحمود شاكر ٣/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>