للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه (١).

فرضي الله عن علي وأرضاه، فقد قام بهذه البطولة النادرة بعد حصار النبي صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر قريبًا من عشرين يومًا، ثم يسّر الله فتحها على يد علي - رضي الله عنه -، فخرج الناس من حصونهم يسعون في السكك، فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلة، وسبى الذّرية، وكان في السبي صفية، ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقها، وجعل عتقها صداقها، فأصبحت أُمًّا للمؤمنين (٢) وعلي - رضي الله عنه - له مواقف أخرى كثيرة، تظهر فيها الحكمة العظيمة، ولكن المقامَ لا يتّسع إلا لما ذكر من المواقف السابقة، وهكذا يفعل من يرجو الله واليوم والآخر، فإن الإِنسان إذا كان همّه لله، وقلبه معلّق بالله، عمل كل ما يحبّه مولاه تبارك وتعالى.

وقد ظهرت حكمة علي - رضي الله عنه - في هذا الموقف من عدّة وجوه، منها:

(أ) قوله: " أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ "؛ فإنه - رضي الله عنه - استفسر من النبي صلى الله عليه وسلم قبل القتال، إلى أي مدى يستمر القتال، وهذا من أعظم الحكمة؛ لأن الداعية لا بد له من وضوح الهدف والغاية، وأن يكون على بصيرة من أمره.

(ب) وقوله: " أنا الذي سمتني أمي حيدرة "، وهذا فيه تذكير لمرحب؛ لأنه قد رأى في المنام أن أسدًا يقتله، فذكّره علي - رضي الله عنه - بذلك


(١) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة ذي قرد وغيرها مطولا ٣/ ١٤٤١، وانظر: زاد المعاد ٣/ ٣٢١، وحياة الصحابة ١/ ٥٤٤.
(٢) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر ٧/ ٤٦٩، وانظر: البداية والنهاية ٤/ ١٨١، ١٩١، وابن هشام ٣/ ٣٧٨ - ٣٨٨، وانظر: ترجمة علي بن أب طالب - رضي الله عنه - كاملة في الإصابة في تمييز الصحابة ٢/ ٥٠٧ - ٥١٠، والبداية والنهاية ٧/ ٢٢٢ - ٢٢٤، وانظر: شجاعة علي أيضًا في حياة الصحابة للكاندهلوي ١/ ٥٤١ - ٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>