للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير، فلما رآه قومه مقبلًا قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيّدنا وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله. قالوا: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا أو مسلمة.

ورجع مصعب إلى منزل أسعد بن زرارة، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإِسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية، وخطمة، ووائل، وواقف، وهم من الأوس بن حارثة، فإنهم أطاعوا أبا قيس الشاعر، وهو ابن الأسلت، واسمه صيفي، فوقف بهم عن الإِسلام حتى كان بعد الخندق (١).

وهذه الاستجابة العظيمة بفضل الله ثم بفضل مصعب بن عمير - رضي الله عنه -، فقد ضُرِبَ به المثل في حكمته وحُسن دعوته وصبره وحلمه ورفقه وأناته عند سماع التهديد من قبل أسيد وسعد - رضي الله عنهم -، فأثر هذا الموقف الحكيم عليهما وأسلما، وأسلم - بفضل الله ثم بإسلامهما - هذا الجمع الغفير في يوم واحد، فرضي الله عن مصعب، ورضي عن صاحبه أسعد، فقد أنقذ الله بهما مدينة كاملة، ولله الحمد والمنة.


(١) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٣/ ١٥٢، وسيرة ابن هشام ٢/ ٤٣، والرحيق المختوم ص ١٤٠، وهذا الحبيب يا محب ص ١٤٥، وانظر: الإِصابة في تمييز الصحابة ٣/ ٤٢١، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١/ ١٤٥، وحياة الصحابة للعلامة الكاندهلوي ١/ ١٨٧ - ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>