للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: " مذهبي في أهل الكلام تقنيع رؤوسهم بالسياط، وتشريدهم في البلاد " (١).

وقال: " حكمي في أهل الكلام حكم عمر في صبيغ " (٢).

وغرس الشافعي في نفوس الناس بغض الكلام وأهله، وحب الكتاب والسنة والتمسك بهما، قال يونس بن عبد الأعلى الصدفي (٣) قلت للشافعي: إن صاحبنا الليث (٤) كان يقول: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة. فقال الشافعي - رحمه الله -: قصر الليث - رحمه الله -، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب (٥).

وجاء رجل من أهل الكلام إلى الشافعي - وهو في مصر - فسأله عن مسألة من الكلام فقال له الشافعي: أتدري أين أنت؟ قال الرجل: نعم. قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون، أبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟ قال: لا. قال: هل تكلّم فيه الصحابة؟ قال: لا. قال: هل تدري كم نجمًا في السماء؟ قال: لا. قال: فكوكب منها، تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، مم خُلق؟ قال: لا. قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه، تتكلم في علم خالقه؟ ثم سأله الشافعي عن مسألة


(١) انظر: سير أعلام النبلاء ١٠/ ٢٩.
(٢) قدم صبيغ بن عسل الحنظلي المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، وقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ. قال: وأنا عبد الله عمر، فضربه بعراجين النخل حتى دمي رأسه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد ذهب الذي كنت أجده في رأسي. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ٢/ ١٩٨.
(٣) يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة، شيخ البخاري، أبو موسى الصدفي، ولد سنة ١٧٠هـ، وتوفي سنة ٢٦٤ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء ١٢/ ٣٤٨.
(٤) هو الليث بن عاصم بن كليب، الإِمام القدوة العابد المصري، ولد سنة ١١٥ هـ، وتوفي سنة ٢١١ هـ انظر: تهذيب التهذيب ٨/ ٤١٩، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١٠/ ١٨٨.
(٥) أي: والسنة. انظر: شرح العقيدة الطحاوية ص ٥١٠، وسير أعلام النبلاء ١٠/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>