للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن توفي المعتصم، وولي الخلافة الواثق (١) فأظهر ما أظهر والده من القول بخلق القرآن، ثم جاءت رسالة إسحاق بن إبراهيم إلى أحمد، يقول فيها: "إن أمير المؤمنين قد ذكرك فلا يجتمعن إليك أحد، ولا تساكنني بأرض ولا مدينة أنا فيها، فاذهب حيث شئت من أرض الله".

فاختفى أحمد -رحمه الله- بقية حياة الواثق في غير منزله، ثم عاد إلى منزله عندما طفئ خبره، ولم يزل مختفيًا في البيت لا يخرج إلى صلاة ولا إلى غيرها حتى هلك الواثق (٢) ثم ولي المتوكل (٣) الخلافة فأظهر الله السنة، وفرج عن الناس، وقمع البدع وأهلها، ونصر أهل السنة (٤).

وكتب الإمام أحمد رسالة عظيمة إلى المتوكل، وبيَّن فيها الرد على من قال بخَلْق القرآن، واستدل على أن القران كلام الله بالبراهين القطعية من الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة، ودعا للمتوكل بالتوفيق وحسن العاقبة (٥).

الله أكبر! ما أعظم هذه المواقف الحكيمة نحو كتاب الله -تعالى- فإن الناس كلهم في الظاهر قد وافقوا المأمون على القول بخلق القرآن راغبين


(١) هو الواثق بالله هارون بن المعتصم بن هارون الرشيد، ولد سنة ١٩٦هـ، وبويع بالخلافة بعد المعتصم في ربيع الأول ٢٢٧هـ، وتوفي في ذي الحجة سنة ٢٣٢هـ. انظر: سير أعلام النبلاء ١٠/ ٣٠٦.
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٦٤.
(٣) المتوكل على الله، هو جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، ولد سنة ٢٠٧هـ، وبويع بالخلافة بعد أخيه الواثق في ذي الحجة سنة ٢٣٢هـ، ونصر الله به الحق وأهل السنة، وقمع به أهل الباطل وبدعهم، ثم قتله ابنه محمد بمعاونة بعض أعداء الإسلام في شوال سنة ٢٤٧هـ، فرحمه الله وغفر له. انظر: البداية والنهاية ١٠/ ٣٤٩.
(٤) انظر: سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٦٨ - ٢٨٠، والبداية والنهاية ١٠/ ٣٣٨ - ٣٤٠.
(٥) انظر: نص الرسالة في سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٨١ - ٢٨٦، وهي من أعظم الرد على من قال بخلق القرآن، والبداية والنهاية ١٠/ ٣٤٠، وانظر: سير أعلام النبلاء ١١/ ١٧٧ - ٣٥٨، والبداية والنهاية ١٠/ ٣٢٥ - ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>