للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمهيد بعد أن انقرضت القرون المُفضَّلة التي امتدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «خير الناس قرني، ثم الذين يَلُونهم». . . ". الحديث (١) بعد ذلك جاء أناس يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم الضعف والخور، والبدع والخرافات، والصد عن دين الله، ولكن- وللَّه الحمد والمنة- لا يزال حفظ الله لهذا الدين قائمًا، لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩] (٢) وتكفل الله باستمرار الحفظ إلى قيام الساعة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس» (٣).

وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث لأمته على رأس كل قرن من يجدد لها دينها، ويبين لها أحكام الكتاب والسنة، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» (٤) وسأتناول- إن شاء الله- في هذا المبحث نماذج من أبطال الرجال وحكمائهم، وأبين بعض مواقفهم التي تظهر فيها الحكمة في الدعوة إلى الله- تعالى- في المطالب التالية:


(١) البخاري مع الفتح ٥/ ٢٥٩، ومسلم ٤/ ١٩٦٤، وتقدم تخريجه.
(٢) سورة الحجر، الآية ٩.
(٣) أخرجه مسلم بلفظه في كتاب الِإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ٣/ ١٥٢٣، والبخاري مع الفتح- كتاب المناقب، باب حدثنا محمد بن المثنى ٦/ ٦٣٢.
(٤) أبو داود ٤/ ١٠٩، والحاكم ٤/ ٥٢٢، وتقدم تخريجه ص٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>