للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناصر في جامع الزهراء (١) فأدخل في خطبته قوله- تعالى-: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ - وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ - وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ - فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ - وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ - أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ - وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: ١٢٨ - ١٣٥] (٢) واسترسل يقول: ولا تقولوا: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ - إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ - وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [الشعراء: ١٣٦ - ١٣٨] (٣) {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: ٧٧] (٤).

وقد قيل: إن الناس ضجوا بالبكاء وتأثر الخليفة بهذه الخطبة.

فرحم الله المنذر ما أحكمه!: وجزاه الله خيرًا.

٢ - موقفه الحكيم في تأثيره على الناس: أصاب الناس قحط في بعض السنين، فأمر القاضي: منذر بن سعيد بالبروز إلى الاستسقاء بالناس، فصام أيامًا وتأهب. وقيل: إن عبد الرحمن الناصر هو الذي أمره بالاستسقاء للناس، فلما جاءته الرسالة قال للرسول: كيف تركت الملك؟ فقال: تركته أخشع ما يكون، وأكثره دعاءً وتضرعًا، ففرح منذر بن سعيد بذلك وأمر غلامه أن يحمل ما يَقِيهم من المطر، وقال. سُقِيتم والله إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء. ثم قال لغلامه: نادِ في الناس بالصلاة فجاء الناس إلى محل الاستسقاء، ثم خرج القاضي منذر، راجلًا، متخشعًا، ثم وصل المصلي وقام ليخطب، والناس ينظرون


(١) انظر: سير أعلام النبلاء، ١٦/ ١٧٧.
(٢) سورة الشعراء، الآيات ١٢٨ - ١٣٥.
(٣) سورة الشعراء، الآيات ١٣٦ - ١٣٨.
(٤) سورة النساء، الآية ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>