ثالثا: قولكم في النطق: إنه الابن، وإنه مولود من الله -تعالى-: إن أردتم به أنه صفة لازمة له، فكذلك الحياة صفة لازمة له، فيكون روح القدس أيضا ابنا ثانيا، وإن أردتم أنه حصل منه بعد أن لم يكن لزم أن يكون عالما بعد أن لم يكن، وهذا مع كونه باطلا وكفرا فيلزم مثله في الحياة وأنه صار حيا بعد أن لم يكن حيا، تعالى الله وتقدس عن ذلك!
رابعا: إن تسمية حياة الله: روح القدس، لم ينطق به شيء من كتب الله المنزلة، فإطلاق روح القدس على حياة الله من التبديل والتحريف للكلم عن مواضعه.
خامسا: إنكم تدعون أن المتجسد بالمسيح هو الكلمة، الذي هو العلم، وهذا إن أردتم به نفس الذات العالمة الناطقة كان المسيح هو الآب، وهو الابن، وهو روح القدس، وهذا عندكم وعند جميع الناس باطل.
سادسا: العلم صفة، والصفة لا تخلق ولا ترزق، والمسيح نفسه ليس هو صفة قائمة بغيرها باتفاق العقلاء، وأيضا هو عند المثلثة خالق للسموات والأرض، فامتنع أن يكون المتحد به صفة، فإن الإله المعبود هو الإله الحي العليم القدير، وليس هو نفس الحياة ولا نفس العلم والكلام، فلو قال قائل: يا حياة الله، أو يا علم الله، أو يا كلام الله اغفر لي وارحمني. . . كان هذا باطلا في صريح العقل؛ ولهذا لم يجوز أحد من أهل الأديان السماوية أن يقال للتوراة أو الإنجيل وغير ذلك من كلام الله: اغفر لي وارحمني، وإنما يقال للإله المتكلم بهذا الكلام -وهو الله وحده-: اغفر لنا وارحمني.
والمسيح عند المثلثة هو الإله الخالق الذي يقال له: اغفر لنا وارحمنا، فلو كان هو نفس علم الله وكلامه لم يجز أن يكون إلها معبودا، فكيف إذا