للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث: الإعجاز التشريعي: القرآن العظيم جاء بهدايات كاملة تامة، تفي بحاجات جميع البشر في كل زمان ومكان؛ لأن الذي أنزله هو العليم بكل شيء، خالق البشرية والخبير بما يصلحها ويفسدها، وما ينفعها ويضرها، فإذا شرع أمرا جاء في أعلى درجات الحكمة والخبرة {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤] (١).

ويزداد الوضوح عند التأمل في أحوال الأنظمة والقوانين البشرية التي يظهر عجزها عن معالجة المشكلات البشرية ومسايرة الأوضاع والأزمنة والأحوال، مما يضطر أصحابها إلى الاستمرار في التعديل والزيادة والنقص، فيلغون غدا ما وضعوه اليوم؛ لأن الإنسان محل النقص والخطأ، والجهل لأعماق النفس البشرية، والجهل بما يحدث غدا في أوضاع الإنسان وأحواله، وفيما يصلح البشرية في كل عصر ومصر.

وهذا دليل حسي مشاهد على عجز جميع البشر عن الإتيان بأنظمة تصلح الخلق وتقوم أخلاقهم، وعلى أن القرآن كلام الله سليم من كل عيب، كفيل برعاية مصالح العباد، وهدايتهم إلى كل ما يصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة إذا تمسكوا به واهتدوا بهديه (٢) قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٩] (٣).

وبالجملة فإن الشريعة التي جاء بها كتاب الله- تعالى- مدارها على


(١) سورة الملك، الآية ١٤.
(٢) انظر مناهل العرفان للزرقاني ٢/ ٢٤٧، وأثر تطبيق الحدود في المجتمع الإسلامي، من البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ص ١١٧، ومعالم الدعوة للديلمي ١/ ٤٢٦.
(٣) سورة الإسراء، الآية ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>