للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ - نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٢٢ - ٢٢٣] (١). .

فالأمر بتقوى الله بعد النهي عن إتيان النساء في المحيض، والأمر بإتيانهن في موضع الحرث، والأمر بالتقديم لأنفسنا تحذيرا من مخالفة هذا الهدي الإلهي، وقوله: واعلموا أنكم ملاقوه إنذار للذين يخالفون عن أمره بأنهم يلاقون جزاء مخالفتهم في الآخرة، ويحاسبون على أعمالهم. وقوله تعالى: وبشر المؤمنين تبشير للطائعين الذين يقفون عند الحدود، ويتبعون هدى الله- تعالى-، والمبشر به عام يشمل منافع الدنيا، ونعيم الآخرة، وحصول كل خير، واندفاع كل شر -رتب على الإيمان- داخل في هذه الآية.

ومما يزيد ذلك وضوحا وبيانا أن الله -عز وجل- بعد أن ذكر أحكام الفرائض وتقسيم التركات ختم ذلك بقوله: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (٢).

وهذان مثالان يبينان أن الداعية إلى الله إذا سلك في هذا النوع طريقة القرآن الكريم فإنه سيجتذب الأسماع، ويأخذ بمجامع القلوب ويلينها، وحينئذ تستقبل العقائد والأحكام بإذن الله- عز وجل- للعمل والتطبيق برغبة واشتياق (٣). .


(١) سورة البقرة، الآيتان٢٢٢، ٢٢٣.
(٢) سورة النساء، الآيتان١٣، ١٤.
(٣) انظر: تفسير ابن كثير ١/ ٢٦٦، ٤٦٢، وتفسير السعدي ١/ ٢٧٨، ٢/ ٣٥، وهداية المرشدين لعلي محفوظ ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>