للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أبلغ الأمثلة على ضرب الأمثال قوله صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكانت منها أجادبُ أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً. فذلك مثل من فَقهَ في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فَعَلِمَ وَعَلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هُدى الله الذي أرسلت به» (١) والناس على هذه الأقسام الثلاثة:

النوع الأول: من الناس من يبلغه الهدى والعلم فيحفظه، فيحيا قلبه ويعمل به ويعلمه غيره، فهو قد انتفع ونفع، فهؤلاء عَلِمُوا، وَعَمِلُوا، وعلَّمُوا، فهم أفضل الناس،

والنوع الثاني: من الناس من لهم قلوب حافظة يحفظون بها العلم والهدى، ولكن ليست لهم أفهام ثاقبة ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام، وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل بها، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم فيأخذه منهم فينتفع به، فهؤلاء علموا وعلَّموا، فنفعوا بما بلغهم.

والنوع الثالث: من الناس ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فإذا سمعوا العلم لا يحفظونه ولا ينتفعون به ولا ينفعون غيرهم (٢) فينبغي للداعية أن يعتني بضرب الأمثال في دعوته إلى الله عز وجل، والله المستعان وبه الثقة وعليه التكلان (٣).

تاسعا: من وسائل الدعوة: البدء بقتال الأهم فالأهم من أعداء الإسلام: البدء بقتال الكفار ينبغي أن يكون بالأهم، ثم الذي يليه في الأهمية؛ ولهذا


(١) متفق عليه من حديث أبي موسى رضي الله عنه: البخاري، كتاب العلم، باب فضل من علم وعلم، ١/ ٣٢، برقم ٧٩، ومسلم، كتاب الفضائل، باب بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم، ٤/ ١٧٨٧، برقم ٢٢٨٢.
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ١٥/ ٥٢، وفتح الباري لابن حجر، ١/ ١٧٧.
(٣) انظر: كثيرا من الأمثال في السنة في صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة حافظ القرآن، ١/ ٥٤٩، برقم ٧٩٧، وكتاب الزكاة، باب مثل البخيل، ٢/ ٧٠٨، برقم ١٠٢١، وكتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله، ٣/ ١٤٩٨، برقم ١٨٧٨، وكتاب الفضائل، ٤/ ١٧٨٧ - ١٧٩١، بأرقام ٢٢٨٢ - ٢٢٨٧، وكتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، ٤/ ٩٩٩ - ٢٠٠٠، برقم ٢٥٨٥ - ٢٥٨٦، وكتاب صفات المنافقين ٤/ ٢١٤٦، برقم ٢٧٨٤، و ٤/ ٢١٦٣ - ٢١٦٦، بأرقام ٢٨٠٩ - ٢٨١٢، وكتاب الأمثال للرامهرمزي، ص ٥ - ١٤٢، وسنن الترمذي، كتاب الأمثال ٥/ ١٤٤ - ١٤٨، ومسند الِإمام أحمد، ١/ ٤٣٥، ٤٦٥، ٤/ ١٨٢، ١٨٣، ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>