للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: من وسائل الدعوة: التأليف بقبول هدية المشرك مع الحذر: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة قبول هدية المشرك تأليفا له؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل الشاة المصلية التي أهدتها له اليهود، ولكن لا يؤكل من ذبائح غير أهل الكتاب. وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن من فوائد هذا الحديث: "جواز الأكل من طعام أهل الكتاب وقبول هديتهم" (١) ولكن يتأكد على الداعية أن يأخذ حذره من المشركين كافة؛ لأن الله عز وجل قد بين أن اليهود والنصارى لا يرضون حتى تُتَّبع ملتهم، قال الله عز وجل: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: ١٢٠] (٢) وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: ٧١] (٣).

سادسا: من أساليب الدعوة: استخدام الشدة بالقول عند الحاجة: إن استخدام الشدة بالقول عند الحاجة من الأساليب الدعوية إذا احتاج الداعية إلى ذلك، ولكن يشترط أن لا يحصل منكر بالشدة، وقد دل هذا الحديث على هذا الأسلوب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لليهود: «كذبتم بل أبوكم فلان»، وقال لهم: «اخسئوا فيها والله لا نخلفكم فيها أبدا»، وهذا كلام فيه شدة للحاجة إليه من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فينبغي للداعية أن يعمل الأصلح عند القدرة عليه والله عز وجل الموفق (٤).

سابعا: من سنن الله عز وجل: الابتلاء لأوليائه: إن من السنن الثابتة الابتلاء للأولياء من الأنبياء والصالحين، وقد دل هذا الحديث على ذلك؛ لأن أعداء الله اليهود عملوا السم لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتأثر بذلك وهو حبيب الله وخليله، فينبغي للداعية أن يسأل الله العفو والعافية كثيرا، وإذا حصل له ابتلاء فيلزم الصبر والاحتساب، والله المستعان (٥).


(١) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٧/ ٤٩٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٢٠.
(٣) سورة النساء، الآية: ٧١.
(٤) انظر: الحديث رقم ١١٦، الدرس العاشر، ورقم ١٦٢، الدرس الرابع.
(٥) انظر: الحديث رقم ٩، الدرس الثامن، ورقم ٦٦، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>