للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإِمام القرطبي رحمه الله: "وأما عدم علم الطاعن فقد سلبه الله تعالى العلم بأحكام النبوات، وما تدل عليه المعجزات، فكأنهم لم يعلموا أن الأنبياء من البشر، وأنه يجوز عليهم من الأمراض، والآلام، والغضب، والضجر، والعجز، والسحر، والعين، وغير ذلك ما يجوز على البشر، لكنهم معصومون عما يناقض دلالة المعجزة، من معرفة الله تعالى، والصدق، والعصمة عن الغلط في التبليغ. . . "، ثم قال في النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "وهو الذي شهد له العليُّ الأعلى، بأن بصره ما زاغ وما طغى، وبأن فؤاده ما كذب ما رأى، وبأن قوله وحيٌ يُوحى، وأنه ما ينطق عن الهوى" (١) وهذا كله يؤكد عصمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما يبلغه عن ربه عز وجل، وأنها من معجزاته التي تدل على صدقه.

سابعا: من موضوعات الدعوة: بيان أهمية الأخذ بالأسباب وأنها لا تنافي التوكل: دل هذا الحديث على أن تعاطي الأسباب لا ينافي التوكل (٢) ولهذا عندما سُحِرَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، توكل على الله عز وجل وعمل بالأسباب، ومن أعظم ما فعله من الأسباب: أنه دعا الله عز وجل والتجأ إليه، وكرر الدعاء، فدعا ثم دعا، ثم عندما علم مكان السحر أمر بالبئر فدفنت، واستخرج السحر، وفي رواية: "فأمر به فأخرج"، وهذا يؤكد الأخذ بالأسباب وأنها لا تنافي التوكل، بل هي من التوكل (٣).

ومن الأسباب التي ينبغي أن يأخذ بها المسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل الوقاية من السحر قبل وقوعه، وعلاجه إذا وقع ويكون ذلك على النحو الآتي:

أولا: الوقاية من السحر قبل وقوعه: وذلك بالقيام بجميع الواجبات، وترك جميع المحرمات، والتوبة من جميع السيئات، والإِكثار من قراءة القرآن والتحصن بالدعوات والتعوذات المشروعة: كدعاء الصباح والمساء، وأدبار الصلوات المكتوبة، وأذكار النوم والاستيقاظ من النوم، وغير ذلك من الأذكار


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٥/ ٥٧٠، وانظر: فتح الباري، لابن حجر، ١٠/ ٢٢٧.
(٢) انظر: الحديث رقم ٣٠، الدرس الخامس.
(٣) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ١٠/ ٢٢٨، وانظر: حديث رقم ٣، الدرس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>