للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً (١) فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا (٢) وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (٣).

ولا شك أن من وفى بالعهد يثاب ويشكر؛ ولهذا استنبط الإمام ابن هبيرة رحمه الله من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ»: أن من وفى بالعهد فله الكرامة ", قال رحمه الله: " وفي هذه الإهانة للغادر إكرام لأهل الوفاء بالعهود من جهة أنه شاركهم في العهد وتميز بالعقوبة، فلما أهين علمت كرامتهم " (٤) وقد بين الإمام القرطبي رحمه الله بعد أن ذكر أن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة لغدره؛ ليشتهر بذلك فيذم ويفضح في الموقف: فقال: " ولا يبعد أن يكون الوفي بالعهد يرفع له لواء يعرف به وفاؤه وبره، فيحمده أهل الموقف كما يرفع لنبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لواء الحمد فيحمده كل من في الموقف " (٥) ولواء الحمد الذي أشار إليه رحمه الله هو ما ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ». . . " (٦).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ


(١) ينصر عصبة: أي يقاتل عصبية لقومه وهواه. شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٤٨٢.
(٢) لا يتحاشى: أي لا يكترث بما يفعله فيها ولا يخاف وباله وعقوبته. شرح النووي على صحيح مسلم، ١٢/ ٤٨٣.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ٣/ ١٤٧٥، برقم ١٨٤٨.
(٤) الإفصاح عن معاني الصحاح، ٢/ ٧٥.
(٥) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ٣/ ٥٢٠.
(٦) أخرجه الدارمي، في المقدمة، باب ما أعطي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفضل، ١/ ٣١، برقم ٥٢، وأحمد في المسند، ٣/ ١٤٤. قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/ ١٠٠ برقم ١٥٧١: "وسنده صحيح، رجاله رجال الشيخين "، وأخرجه ابن حبان في صحيحه ١٤/ ٣٩٨، برقم ٦٤٧٨، وهو في موارد الظمآن لزوائد ابن حبان ص ٥٢٣، برقم ٢١٢٧، عن عبد الله بن سلام، قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/ ١٠١: "إسناده صحيح "، وأخرجه ابن ماجه عن أبي سعيد، في كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، ٢/ ١٤٤٠، برقم ٤٣٠٨، والترمذي عن أنس، كتاب المناقب باب فضل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ٥/ ٥٨٥، برقم ٣٦١٠، وأخرجه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ١/ ٢٨١. وانظر: طرقه في تحفة الأشراف للمزي ١/ ٢١٨، وإتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، لابن حجر ٢/ ١٥٧، برقم ١٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>