للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر سنين ثم مع طول السنين ومباشرة الخدمة لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم: قط لِمَ فعلت هذا هكذا، ولا لِمَ لَمْ تفعل. .؟ " (١).

فعلى الداعية أن يتصف بحسن الخلق؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى ليتمم مكارم الأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (٢) ومما يدل على أهمية حسن الخلق للداعية أن الله تعالى أمر به إمام الدعاة وقائدهم محمدا صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليه به، قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] (٣) وقال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] (٤) وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه فقالت: ". . . «فإن خلق نبيكم صلى الله عليه وسلم كان القرآن» (٥) وهذا يحث الداعية على أن يسأل الله تعالى أن يرزقه الخلق الحسن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ". . . «واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت». . . " (٦).

ثانيا: من أدب الداعية: ترك العتاب على ما فات استئلافا للمدعو: من الأمور المهمة للداعية أن لا يلوم ولا يعاتب أحدا على ما فات، وخاصة في أمور الدنيا التي لا إثم في تركها؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " ويستفاد من هذا ترك العتاب على ما فات؛ لأن هناك مندوحة عنه باستئناف الأمر به إذا احتيج إليه، وفائدة تنزيه اللسان عن الزجر والذم واستئلاف خاطر الخادم بترك معاتبته، وكل ذلك في الأمور التي تتعلق بحظ الإنسان، وأما الأمور اللازمة شرعا فلا يتسامح فيها؛ لأنها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " (٧).

فعلى الداعية أن لا يعاتب لحظ نفسه ولا لأجل الدنيا، بل عليه أن يعفو ويصفح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أنس رضي الله عنه.


(١) بهجة النفوس ٣/ ٩٨.
(٢) البيهقي في السنن الكبرى بلفظه ١٠/ ١٩٢، وأحمد ٢/ ٣٨١، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٢/ ٦١٣، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ١/ ٧٥ برقم ٤٥.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.
(٤) سورة القلم، الآية: ٤.
(٥) مسلم، في كتاب صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض ١/ ٥١٣ برقم ٧٤٦.
(٦) صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، ١/ ٥٣٥ برقم ٧٧١.
(٧) فتح الباري ١٠/ ٤٦٠، وانظر: إكمال إكمال المعلم للأبي، ٨/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>