للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإخراجهم من ظلمات الشرك والمعاصي إلى نور التوحيد والطاعات. وهذا يدل على زهده, وقناعته صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من الخبز الشعير» (١) وقالت: «ما أكل آل محمد صلى الله عليه وسلم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر» (٢) وقالت: «إنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقال عروة: ما كان يقيتكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء» (٣).

وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كان لي مثل أحد ذهبا ما يسرّني أن لا يمرّ عليَّ ثلاث وعندي منه شيء، إلا شيء أرصده لدين» (٤).

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه «اضطجع على حصير فأثر في جنبه فدخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولما استيقظ جعل يمسح جنبه فقال: يا رسول الله لو أخذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " ما لي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها» (٥). وقال أبو هريرة رضي الله عنه: «ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض» (٦).

والمقصود أنهم لم يشبعوا ثلاثة أيام بلياليها متوالية، والظاهر أن سبب عدم شبعهم غالبا كان بسبب قلة الشيء عندهم، على أنهم قد يجدون ولكن يؤثرون على أنفسهم (٧).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدَم وحشوه ليف» (٨)


(١) البخاري، كتاب الأطعمة، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، ٦/ ٢٥٢ برقم ٥٤١٤.
(٢) البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف كان يعيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخلِّيهم عن الدنيا، ٧/ ٢٣١، برقم ٦٤٥٥.
(٣) البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف كان يعيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، ٧/ ٢٣٢، برقم ٦٤٥٩.
(٤) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب أداء الديون، ٣/ ١١٤، برقم ٢٣٨٩، وصحيح مسلم، كتاب الزكاة باب تغليظ عقوبة من لا يؤدي الزكاة ٢/ ٦٨٧، برقم ٩٩١.
(٥) أحمد في المسند من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ١/ ٣٠١ بلفظه، والترمذي بنحوه، في كتاب الزهد باب ٤٤، ٤/ ٥٨٨، برقم ٢٣٧٧، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، ٢/ ١٣٧٦، برقم ٤١٠٩، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ٢/ ٢٨٠، وصحيح ابن ماجه ٢/ ٣٩٤.
(٦) البخاري كتاب الأطعمة باب قول الله تعالى كلوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكمْ الآية ٦/ ٢٤٠ برقم ٥٣٧٤.
(٧) انظر: فتح الباري لابن حجر ٩/ ٥١٧، ٥٤٩.
(٨) البخاري كتاب الرقاق باب كيف كان يعيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخلِّيهم عن الدنيا ٧/ ٢٣١ برقم ٦٤٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>