للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى حفر بئر رومة فحفرها عثمان رضي الله عنه وهذا العمل من أعظم الصدقات، ودعا صلى الله عليه وسلم إلى تجهيز جيش العسرة، فجهزه عثمان رضي الله عنه، وهذه من النفقات في سبيل الله تعالى. (١).

فعلى الداعية أن يحث الناس على الإِنفاق في وجوه البر ابتغاء وجه الله تعالى.

ثانيا: من صفات الداعية: المسارعة إلى الخيرات: إن من صفات الداعية الصادق مع الله تبارك وتعالى المسارعة إلى الخير ابتغاء مرضات الله تعالى؛ ولهذا سارع عثمان رضي الله عنه عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإنفاق ويبين فضله، فأنفق على جيش العسرة فجهزه، وحفر بئر رومة، فينبغي للداعية أن يسارع إلى فعل الخيرات كما قال سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ - الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤] (٢) الآية (٣).

ثالثا: من صفات الداعية: الكرم والرغبة فيما عند الله تعالى: إن الكرم صفة حميدة ينبغي للدعاة أن يتصفوا بها، وفي هذا الحديث صورة واضحة تبين كرم عثمان رضي الله عنه وأرضاه، فقد أنفق نفقة عظيمة عجز عظماء الرجال عن الإِنفاق مثلها، فقد ثبت أنه «أنفق في هذه الغزوة ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وجاء بألف دينار فنثرها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقلِّبها في حجره ويقول: " ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد هذا اليوم " قالها مرارا» (٤) ومما يدل على كرمه أيضا ما أنفقه في شراء بئر رومة وحفرها، وذلك أن «المهاجرين لما قدموا المدينة استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني


(١) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري ١٢/ ٨٧، وفتح الباري لابن حجر، ٥/ ٤٠٧، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٧١.
(٢) سورة آل عمران، الآيتان: ١٣٤، ١٣٣.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٥/ ٤٠٧، وعمدة القاري للعيني، ١٤/ ٧٢، والحديث رقم ٣٠، الدرس الثاني.
(٤) الترمذي، في كتاب المناقب، باب في مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه ٦/ ٦٢٦، برقم ٣٧٠١، وقال حسن غريب من هذا الوجه، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ٣/ ٢٠٩، وأخرجه أيضا الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٣/ ١٠٢، وانظر فتح الباري، لابن حجر، ٧/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>