للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن إكرام أم حرام للنبي صلى الله عليه وسلم قد سرَّ زوجها؛ قال الإمام الأبي رحمه الله: " ومعلوم سرور زوج أم حرام بذلك، وكانوا يحبون أن يدخل بيوتهم ويأكل طعامهم " (١) وهذا مما يدل على الأدب مع العالم والداعية؛ ولهذا جاء في الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» (٢).

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من أمتي من لم يجِلّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا» (٣).

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا»، وفي رواية: «ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا» (٤).

فينبغي للمدعو أن يجِلّ ويكرم العلماء، والدعاة، وينزلهم منازلهم.

ثانيا: من صفات الداعية: حسن الخلق وسعة الصدر: ظهر في هذا الحديث حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع أمِّ حرام، وسعة صدره، وتواضعه صلى الله عليه وسلم، دل على ذلك تبسمه وضحكه، وملاطفته لها، فينبغي للداعية أن يكون حسن الخلق، واسع الصدر متواضعا، اقتداء بنبيه صلى الله عليه وسلم، حتى يكون بذلك من خيار الناس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن من خياركم أحاسنكم أخْلَاقا» (٥) وهذا يبيِّن للداعية أهمية التزام الخلق الحسن، والعمل به ظاهرا وباطنا (٦).


(١) إكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للأبي ٦/ ٦٦٥.
(٢) أبو داود، باب في تنزيل الناس منازلهم ٤/ ٢٦١، برقم ٤٨٤٢، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٤٤.
(٣) مسند الإمام أحمد ٥/ ٣٢٣، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٤٤.
(٤) مسند أحمد ٢/ ١٨٥، ٢٠٧، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ١/ ٤٥. وانظر: المسند من رواية ابن عباس رضي الله عنهما ١/ ٢٥٧.
(٥) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: البخاري، كتاب الأدب، باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ٧/ ١٠٦ برقم ٦٠٢٩، ومسلم، في كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم ٤/ ١٨١٠ برقم ٢٣٢١.
(٦) انظر: الحديث رقم ١٤، الدرس الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>