للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: من صفات الداعية: السرور بانتصار الإسلام: دل هذا الحديث على أن الداعية الصادق هو الذي يفرح بظهور الإسلام وانتصار أهله؛ ولهذا بين الإمام النووي، والكرماني، وابن حجر رحمهم الله أن ضحكه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كان فرحا وسرورا؛ بكون أمته تبقى بعده متظاهرة بأمور الإسلام قائمة بالجهاد حتى في البحر، ممتثلة لأمره صلى الله عليه وسلم بجهاد العدو (١).

والفرح والسرور بفضل الله تعالى وبتوفيقه مرغوب فيه ومحبوب إلى الله تعالى؛ ولهذا قال سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨] (٢).

رابعا: من أعلام النبوة: إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالمغيبات: إن من الدلائل الواضحات والبينات القاطعات، والحجج الدامغات التي تدل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ما أخبر به من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى، وأوحى بها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة جدا (٣) ومنها ما لم يقع فأخبر صلى الله عليه وسلم بها ووقعت كما أخبر، فدل ذلك على أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء به من عند الله حق. قال الله سبحانه وتعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: ٢٦ - ٢٧] (٤) {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: ١٧٩] (٥).

وقد دل هذا الحديث على بعض هذه الأمور التي تدل على صدقه صلى الله عليه وسلم، وصحة نبوته، قال الإمام النووي وغيره من أهل العلم رحمهم الله: " وفيه معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم، منها: إخباره ببقاء أمته بعده، وأنه تكون لهم شوكة وقوة وعدد، وأنهم يغزون، وأنهم يركبون البحر، وأن أمَّ حرام تعيش إلى ذلك


(١) انظر: عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، لابن العربي، ٤/ ١٣٠، وشرح النووي على صحيح مسلم، ١٣/ ٦٢، وإكمال إكمال المعلم للأبي، ٦/ ٦٦٥، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، ١٢/ ٩٨، وفتح الباري لابن حجر، ١١/ ٧٧.
(٢) سورة يونس، الآية: ٥٨.
(٣) انظر: جامع الأصول لابن الأثير ١١/ ٣١١ - ٣٣١.
(٤) سورة الجن، الآيتان: ٢٦ - ٢٧.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>