للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: كم كان سنك؟ قال: عشر سنين، أو أقل. ثم خرجت من الكتَّاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخليِّ وغيره. فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل: فدخل فنظر فيه، ثم خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، وقال: صدقت. فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة. فلما طعنت في ستِّ عشرة سنة. كنت قد حفظت كتب ابن المبارك، ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، يعني أصحاب الرأي، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت، رجع أخي بها. وتخلفت في طلب الحديث " (١).

٣ - شيوخه: سمع الإمام البخاري من شيوخ لا يتسع المقام لذكرهم لكثرتهم، ويدل على كثرتهم ما قاله عنه ورَّاقه محمد بن أبي حاتم قال: (سمعته قبل موته بشهر يقول: " كتبتُ عن ألف وثمانين رجلا ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ") (٢).

وشيوخه ينحصرون في خمس طبقات: الطبقة الأولى: من حدَّثه عن التابعين مثل: محمد بن عبد الله الأنصاري حدَّثه عن حميد، والطبقة الثانية: من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين كآدم بن أبي إياس، الطبقة الثالثة: وهم من لم يلقَ التابعين بل أخذ عن كبار تبع الأتباع، كسليمان بن حرب، وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم. الطبقة الرابعة: رفقاؤه في الطلب ومن سمع قبله قليلا: كمحمد بن يحيى الذهلي؛ وإنما يخرج عن هذه الطبقة ما فاته عن مشايخه، أو ما لم يجده عند غيرهم. الطبقة الخامسة: قوم في عداد طلبته في السن والإِسناد، سمع منهم للفائدة: كعبد الله بن حماد الآملي، روى عنهم أشياء يسيرة؛ ولهذا قال رحمه الله: " لا يكون الرجل عالما حتى


(١) سير أعلام النبلاء للذهبي، ١٢/ ٣٩٣. وهدي الساري، لابن حجر العسقلاني، ص ٤٧٨.
(٢) سير أعلام النبلاء للذهبي، ١٢/ ٣٩٣، وهدي الساري، لابن حجر ص ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>