للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: من صفات الداعية: صحة الإيمان وقوة اليقين: دل الحديث على أن صحة الإِيمان وقوة اليقين من أهم صفات الداعية؛ ولهذا بذل أنس بن النضر روحه وجسده في سبيل الله، عز وجل، وأيقن بأن الله عز وجل يثيبه على عمله المبارك.

ولا شك أن اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد (١). قال الله - عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] (٢)؛ ولهذه الأهمية قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في فوائد هذا الحديث: " وفيه فضيلة ظاهرة لأنس بن النضر - رضي الله عنه - وما كان عليه من صحة الإِيمان، وكثرة التوقي والتورع وقوة اليقين " (٣).

فينبغي للداعية إلى الله - تعالى - أن يتصف بهذه الصفة العظيمة؛ لأن اليقين في الحقيقة: قبول دين الله - عز وجل - كما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - والإيمان بالغيب الذي أخبر به الله، سبحانه وتعالى، وأخبر به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، إيمانا صادقا، لا يدخل القلب فيه شبهة ولا شك ولا تناس ولا غفلة (٤). ولهذه المكانة العظيمة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أعظم ما أعطي العبد: هو اليقين فقال: «سلوا الله العفو والعافية؛ فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية» (٥).

خامسا: من صفات الداعية: الشجاعة: من الصفات الحميدة التي دل عليها هذا الحديث الشجاعة، فقد ظهرت شجاعة أنس بن النضر، رضي الله عنه، وذلك بإقدامه في معركة أحد، وقتاله العظيم


(١) انظر: مدارج السالكين، للإمام ابن القيم، ٢/ ٤٠١.
(٢) سورة السجدة، الآية (٢٤).
(٣) فتح الباري، ٦/ ٢٣، وانظر عمدة القاري للعيني، ١٤/ ١٠٣.
(٤) انظر: مدارج السالكين، للإمام ابن القيم ٢/ ٤٠٢.
(٥) أخرجه الترمذي من حديث أبي بكر، رضي الله عنه، في كتاب الدعوات، باب حدثنا محمد بن بشار، ٥/ ٥٥٧، برقم ٣٥٥٨، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، ٢/ ١٢٦٥، برقم، ٣٨٤٩ وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ٣/ ١٨٠، وصحيح ابن ماجه ٢/ ٣٣٨ وللحديث بعض الشواهد: من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - عند الترمذي في كتاب الدعوات باب حدثنا يوسف بن عيسى ٥/ ٥٣٤، برقم ٣٥١٤، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ٣/ ١٧٠، ومن حديث أنس - رضي الله عنه - عند الترمذي أيضا في كتاب الدعوات، باب في العفو والعافية، ٥/ ٥٧٦، برقم ٣٥٩٤، وانظر: صحيح الترمذي ٣/ ١٧٠، ١٨٠، ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>